السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[rtl]فتوى للعلاّمة المحقق / أبي إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الشاطبي الغرناطي المالكي _ رحمه الله تعالى _
( المتوفى سنة 728ه/ 1388م ).
قال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في فتاويه ص 197:
الثالثة : قراءة سورة الكهف يوم الجمعة سئل عنها فقال : الحمد لله : سأل سائل عن حكم قراءة سورة الكهف بعد صلاة العصر من يوم الجمعة يقرؤها الناس على صوت واحد كهيئة قراءة الحزب في المساجد الجامعة و هل هو مكروه أم جائز أم مستحب ؟
و القول في ذلك و الله المستعان أن قراءة القرءان على الجملة إما تذكرا لحفظه أو للتفقه في معانيه أو للإعتبار في آياته أو لتعلمه و تحفّظ مطلوبه و جاء في فضل ذلك كثير من القرءان و السنة و الأجر في قراءته على هذا الوجه معلوم من دين الإسلام و لا إشكال فيه على الخاص و العام و على هذا الوجه كان الصحابة رضي الله عنهم و التابعون لهم يقرؤونه و يقرئونه و أما قراءته بالإدارة و في وقت معلوم على ما نص في السؤال و ما أشبهه فأمر مخترَع و فعل مبتدَع لم يجر مثله قط في زمان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا في زمان الصحابة رضي الله عنهم حتى نشأ بعد ذلك أقوام خالفوا عمل الأولين و عملوا في المساجد بالقراءة به على ذلك الوجه الإجتماعي الذي لم يكن قبلهم فقام عليهم العلماء بالإنكار و أفتوا بكراهيته و أن العمل به كذلك مخالفة لمحمد رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه و ذلك أن قراءة القرءان عبادة إذا قرأه الإنسان على الوجه الذي كان الأولون يقرؤون فإذا قرأ على غيره كان قد غيرها عن وجهها فلم يكن القارئ متعبدا الله بما شرع له لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " معناه : مردود على صاحبه غير مقبول منه.
و نقل عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال : " كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا تتعبدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالا فاتقوا الله يا معشر القراء و خذوا بطريق من كان قبلكم "
و قال الزبير بن بكار : سمعت مالك بن أنس و أتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله من أين أحرم قال : من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إني أريد أن أحرم من المسجد يعني مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : لا تفعل قال : إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر قال : لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة
قال : و أي فتنة في هذا ؟ إنما هي أميال أزيدها قال : و أي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم إني سمعت الله يقول : " فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "
فهكذا يقال لمن التزم قراءة الحزب دائما في تلك القراءة على ذلك الوجه : أ فعلها رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فلا بد له أن يقول : لم يفعلها فيقال له : فلا تفعل ما لم يفعله خير الخلق لأنه يخشى عليك الفتنة في الدنيا و العذاب الأليم في الآخرة لأنك تزعم أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال مالك : لا يجتمع القوم يقرؤون في سورة واحدة كما يفعل أهل الإسكندرية هذا مكروه و لا يعجبني .
و قال أيضا : لم يكن من عمل الناس يعني من عمل السلف الصالح و الصحابة و من تبعهم بإحسان .
و قال في مثله أيضا : ذلك مكروه منكر .
قال الباجي : إنما كرهه مالك للمجاراة في حفظه و المباهاة بالتقدم فيه .
و قال الطرطوشي : و من البدع قراءة القارئ يوم الجمعة عشرا من القرءان عند خروج السلطان قال : و كذلك الدعاء بعد الصلاة و قراءة الحزب في جماعة و قراءة سورة الكهف بعد العصر في المسجد في جماعة
فهذه القراءة من الأمور المحدثة و قد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة " .
و جاء في ص 205 : [ مسائل مختلفة تتصل بالبدع ] :
الثانية : قراءة الحزب بالجمع : هل يتناوله قوله عليه السلام : " ما اجتمع قوم في بيت......الحديث " كما وقع لبعض الناس أم هو بدعة ؟
قال رحمه الله : الجواب عن الثانية : أن مالكا سئل عن ذلك فكرهه و قال : هذا لم يكن من عمل الناس .
و في العتبية : سئل عن القراءة في المسجد ؟ يعني على وجه مخصوص كالحزب و نحوه فقال : لم يكن بالأمر القديم و إنما هو شيء أحدث يعني أنه لم يكن في زمان الصحابة و التابعين .
قال : و لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها .
و قال في موضع آخر : أترى الناس اليوم أرغب في الخير ممن مضى ؟! يعني أنه لو كان في ذلك خير لكان السلف أسبق إليه منا و ذلك يدل على أنه ليس بداخل تحت معنى الحديث " انتهى نص الفتوى .
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .[/rtl]