شهر رمضان و الاسرة قال تعالى {الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض...[1]) والتفضيل هنا قسمان : 1ـ فطريّ: وهو قوّة مزاج الرجل وكماله في الخلقة، ويتبع ذلك قوّة العقل، وصحّة النظر في مبادئ الأمور وغاياتها . 2ـ كسبيّ: وهو قدرته على الكسب والتصرّف في الأمور، ومن ثمّ كلّف الرجال بالإنفاق على النساء، والقيام برياسة المنزل، والإشراف على إدارته وشؤونه.
يأتي الزوج من عمله منهكا متعبا، ليجد قائمة طلبات طويلة نصفها لا فائدة منه وليس مهمّا؛ وإنّما هي كماليّات يتمّ العيش بدونها، لقد أصبح لدى الكثير من النساء هوس الشراء اللامحدود، لذلك هنّ لا يبقين شيئاً للادخار، ويذهب المال من أيديهنّ دون أدنى اتزان، ولو اكتفين بالقليل المتيسّر لما أصبح الزوج المسكين في ضيق نفسيّ وماديّ دائم . التسوّق لدى معظم النساء أمر ضروريّ وإن لم يكن لشيء مهمّ وواضح، وفي المقابل نجد خزانات الملابس ملأى بالجديد والقديم، والملبوس وغير الملبوس، ونجد الأطعمة متكدّسة تعفّن منها الكثير قبل أن يستهلك ويؤكل، ونجد الزوجة كذلك مهتمّة جداً بما تحمل في يدها من نوعيّة الحقيبة إلى ما يوجد بداخلها، وتهتمّ بنوعيّة هاتفها المحمول الذي في نظرها يجب أن يكون متجدّداً دائماً. والزوج لا يدري كيف يوازن بين تلك المتطلّبات والكماليّات والمسؤوليّات، فهو يكدح ويجدّ، وتأتي الزوجة بكلّ بساطة لتسحب منه ثمرة متاعبه. ومع الغلاء الطاغي على كلّ شيء أصبح لازماً على الزوجة أن تفعل كل شيء، وتشارك زوجها في الاقتصاد الأسريّ، وتدعمه بما تستطيع، وأن تتعلّم فنّ إدارة المال، وتنمية الحسّ الاقتصاديّ، وأن يكون لديها مهمّات وأولويّات، وأن تؤمن أنّها طرف مهمّ في الحياة الزوجيّة. وليس هناك داعياً لأن تكون المظاهر وحبّ التقليد و التميّز هي ما تسيّر المرأة، فهي إلى جانب الإرهاق النفسيّ والماديّ الذي ستلحقه بالزوج ستخسر وقتها وجهدها في متابعة الجديد وشرائه، وليس معنى ذلك أن يضيّق الزوج على زوجته بحجّة التوفير والاقتصاد، ولكن يجعلها تعيش في حدود المعقول. تحتجّ كثير من الزوجات بيسر الحالة الماديّة لزوجها، لذلك هي تصرف بلا حساب، وتردّد دائماً{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}- {الضحى/11} فإذا كان الإنسان لديه القدرة على العيش في رغد فهل ينطبق عليه هذه الآية الكريمة؟ فما معنى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ؟ معنى الآية: أنّ الله – سبحانه وتعالى- أمر النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم- أن يتحدّث بنعم الله، فيشكر الله قولاً كما يشكره عملاً، فالتحدّث بالنعم كأن يقول المسلم : إنّنا بخير والحمد لله، وعندنا خير كثير، وعندنا نعم كثيرة ، نشكر الله على ذلك، و يظهر نعم الله في مأكله ومشربه وملبسه، ولكن لا يفهم من هذه الزيادة التي فيها الغلو، وفيها الإسراف والتبذير. والزوجة في الحقيقة ومن حيث لا تعلم تدخل تحت مسمى المسرفين، والله تعالى يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}-{الأعراف/31} والإسراف تجاوز الحدّ في كلّ فعل يفعله الإنسان، ومن ذلك الإسراف في الإنفاق، و هناك طرق كثيرة وذكيّة تتعلّم منها الزوجة كيف ومتى تصرف المال، ولو عرفتها الزوجة لأصبح الزوج ممتناً لها، وعدّ ذلك معروفا. وليس من المستحسن أن يسمع الزوج كلمات التذمّر والضيق من زوجته؛ فالرجال يحبّون سماع كلمات الشكر والثناء من زوجاتهم، لأنّ ذلك يشعرهم بالفخر والاعتزاز، وأنّهم مهمون وسيعطون أكثر كلّما سمعوا أكثر، والرجال لهم نظرتهم الثاقبة الخاصّة التي يجب احترامها ومساعدتهم في تحقيق التوازن المعيشيّ. |